برنامج الأمم المتحدة للبيئة
Photo Credit: Getty/Sveta Zarzamora
03 Feb 2023 Story المواد الكيميائية والنفايات

في غرب آسيا، طهاة يكافحون هدر الأغذية

رأت الشيف ومقدمة البرامج التلفزيونية ليلى فتح الله، التي تتخذ من دبي مقراً لها، وعاء من العنب بدأ يتحول وبدلاً من التخلّص منه، أعدّت به حلوى بريوش ونشرت صورة لها على صفحتها في انستغرام، حيث لديها 1.4 مليون متابع.

قالت فتح الله: "تلقيت الكثير من التعليقات من الأشخاص الذين يقولون" من فضلك استمري في إعطائنا أفكارًا حول كيفية استخدام بقايا الأغذية ".

بصفتها مؤسسة شركة Fitkult التي تم إطلاقها مؤخرًا، والتي تقدم وجبات جاهزة، أصبحت مخلفات الأغذية الشغل الشاغل لفتح الله يوميًا. تعدّ شركتها ثلاثة أطباق يوميًا لقائمة زبائنها المتزايدة. لقد تعلمت احتساب الكمية الدقيقة للمكونات اللازمة لكل وجبة حتى لا يعدّ الطهاة أكثر مما هو ضروري.

فتح الله واحدة من عدد متزايد من الطهاة الذين يحاولون مواجهة ما يسمونه وباء هدر الأغذية في غرب آسيا، حيث يُقدَّر أن ثلث الأغذية يهدر. يتسبب الهدر في خسائر اقتصادية وبيئية يمكن تفاديها في منطقة تواجه أساساً الفقر وتغيّر المناخ، كما يقول العاملون في المجال.

لا يمثل هدر الأغذية مشكلة في غرب آسيا فقط. وفقًا لمؤشر نفايات الأغذية لعام 2021 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة      (UNEP) ، تمّ إنتاج ما يقرب من مليار طن من نفايات الأغذية في عام 2019 وحده. أكثر من 60 في المائة من ذلك جاء من الأسَر، و 26 في المائة من قطاع الخدمات الغذائية و 13 في المائة من أسواق التجزئة. ووجد التقرير أنّ 17 في المائة من الأغذية تذهب هدرًا، من المزرعة إلى المائدة.

يصعب استيعاب هذه الأرقام نظرًا لأن ما يقدر بنحو 3.1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على نظام غذائي صحي وأن حوالي 828 مليون شخص يعانون من الجوع. وجد مؤشر نفايات الأغذية أنّ هذا يقوّض التقدّم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالفقر والجوع وعدم المساواة والاستهلاك والإنتاج المسؤولين.

عندما تُهدر الأغذية، تُهدر أيضًا جميع الموارد التي استخدمت في إنتاجه، مثل المياه والطاقة للنقل والتربة. بالإضافة إلى ذلك، ينتهي المطاف بالكثير من الأغذية التي يتم التخلص منها في مكبات النفايات حيث تتحلّل وتنتج غاز الميثان، وهو غاز دفيئة قوي يساهم في أزمة المناخ.

في غرب آسيا، يُهدر ما يقدر بنحو 34 في المائة من مجموع المواد الغذائية، وفقًا لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2021. وقال سامي ديماسي، المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لغرب آسيا، إن هذا يحدث في جزء من العالم بالكاد يستطيع تحمله.

وأضاف: "تعتمد المنطقة بشكل كبير على الواردات الغذائية وهي أيضًا من بين الأكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ بسبب ندرة الموارد الطبيعية، مثل المياه، وقدرات التكيّف المحدودة".

هناك العديد من المساهمين في هدر الأغذية على مستوى العالم. وتشمل هذه العوامل سوء التخطيط بشأن كمية الأغذية المطلوبة عند التسوّق، والتخزين غير المناسب والتجميد والطهي أو تقديم الكثير من الأطعمة.

هناك أيضًا تأثيرات ثقافية قد تساهم في إهدار الأغذية في غرب آسيا، كما يقول العاملون في المجال. يعد الطعام جانبًا أساسيًا في العديد من الاحتفالات، مثل شهر رمضان، ويمكن أن تكون الأعياد العائلية رمزًا للضيافة والكرم والرفاهية.

 

عيسى البلوشي هو طاه في مطعم الموج جولف في مسقط ورئيس نقابة طهاة سلطنة عُمان. غالبًا ما يرى الطعام يُفقد في المناسبات الاجتماعية، مثل حفلات الزفاف، لأن المضيفين لا يعرفون عدد الأشخاص الذين سيحضرون، ممّا يجبر الطهاة على طهي كميات من الأطعمة تفوق الحاجة.

قال البلوشي إن نفايات الأغذية كانت شائعة في مطعمه الذي يستقبل معدّل 200 شخص في اليوم ويصل إلى 1000 شخص في المناسبات الخاصة.

ومع ذلك، فقد أنشأ مؤخرًا نظامًا جديدًا لتتبع الوزن الدقيق للمكوّنات في كلّ طبق. كما يقسم طاقمه الطعام المتبقي إلى فئتين: الطعام الذي لم يتمّ تقديمه يتم التبرع به للعمال المهاجرين والمحتاجين. والأطعمة التي تم تقديمها تنقسم إلى خضراوات تُطعم للأبقار والماعز ولحوم تذهب للقطط والكلاب. يقلل ذلك من كمية الطعام الذي ينتهي به المطاف في مطامر النفايات، حيث ينتج غاز الميثان ، وهو من الغازات الدفيئة القوية.

يعد الحد من هدر الأغذية جزءًا مهمًا من مواجهة تغير المناخ. تشكل الأغذية المهدرة ما بين 8 إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، مما يساهم في مناخ غير مستقر وظواهر مناخية قاسية، مثل الجفاف والفيضانات.

لزيادة الوعي بعواقب هدر الأغذية، أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في عام 2019 اليوم الدولي للتوعية بفقد الأغذية وهدرها.

كما أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة حملة وصفة التغيير، التي تزيد من وعي المستهلكين في غرب آسيا حول نفايات الأغذية. تم تصميم هذه المبادرة لتسريع التقدم نحو تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة، والذي يغطي الاستهلاك والإنتاج المستدامين.

كذلك، ساعدت مبادرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، "الفرص العالمية لأهداف التنمية المستدامة"، 25 دولة في آسيا والمحيط الهادئ، وغرب آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي على وضع استراتيجيات وطنية للحد من فقد الأغذية وهدرها.

بالنسبة للكثيرين، قد تبدو مكافحة هدر الأغذية مهمة شاقة من الأفضل تركها للحكومات والمؤسسات. لكن بالنسبة إلى ليلى فتح الله تبدأ العملية في المطابخ. "يتطلب الأمر المزيد من العمل والإبداع والاختبار. علموا أطفالكم هذه المهارات حتى يمتنعوا عن هدر الأغذية".